عطاء الحب المديرة العامة
عدد المساهمات : 230 نقاط : 659 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/07/2012 العمر : 44
| موضوع: شرح حديث (إن ابني هذا سيد) السبت يوليو 14, 2012 6:34 pm | |
|
ما معنى حديث النبي صلى الله عليه و سلم في حق الحسن بن علي رضي الله عنهما :
( إن ابني هذا سيد ، و لعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ) ؟
شرح الحديث المقصود في السؤال يمكن أن يقسم في المطالب المختصرة الآتية :
أولًا : نص الحديث و سبب إيراده :
روى البخاري في " صحيحه " (حديث رقم/2704) عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الحَسَنَ ، يَقُولُ :
اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ : إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي
حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ -: أَيْ عَمْرُو ! إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ،
وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ !
فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ : عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ،
فَقَالَ : اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ ، وَقُولاَ لَهُ ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ .
فَأَتَيَاهُ ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا ، وَقَالاَ لَهُ ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ :
إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا .
قَالاَ : فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا ، وَ يَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ . قَالَ : فَمَنْ لِي بِهَذَا ؟
قَالاَ : نَحْنُ لَكَ بِهِ . فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ ، فَصَالَحَهُ ، فَقَالَ الحَسَنُ : وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ :
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ -، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً ،
وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: ( إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ )
ثانيًا : المعنى الإجمالي للحديث :
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما له منزلة السيادة في الأمة
ومن سيادته إصلاحه بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، وذلك ما وقع فعلا
فقد كان بين أهل الشام بقيادة معاوية رضي الله عنه وأهل العراق بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه نزاع كبير ، وحروب شديدة
واستمر الأمر إلى أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فتولى بعده ابنه الحسن بن علي رضي الله عنه
و سار بجيشه ليواجه جيش معاوية ، فحصل الحوار الوارد في الحديث السابق
و انتهى بتنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الإمارة لصالح معاوية ، في مقابل التزام معاوية ببعض الشروط الواردة في كتب التاريخ
فكان في هذا الاتفاق حقن للدماء ، وسلامة للأمة ، ودرء لحروب طويلة لا يعلم شرها إلا الله عز وجل .
و لمن يريد التوسع في الاطلاع على مراحل الصلح الذي تم بين الحسن بن علي ومعاوية رضي الله عنهما
يمكن مراجعة كتاب " مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري " (102-125) للدكتور خالد الغيث فقد عقد فصلا مهما عن مراحل الصلح الذي تم بينهما ، وصلت إلى ثماني مراحل حتى اكتمل الصلح .
ثالثًا : الفوائد المستنبطة من الحديث :
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في هذه القصة من الفوائد :
1. علم من أعلام النبوة .
2. و منقبة للحسن بن علي ، فإنه ترك الملك لا لقلة و لا لذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين ، فراعى أمر الدين و مصلحة الأمة .
3. و فيها رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليًا و من معه و معاوية و من معه
بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين ، و من ثم كان سفيان بن عيينة يقول عقب هذا الحديث :
قوله ( من المسلمين ) يعجبنا جدًا ، أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه عن الحميدي وسعيد بن منصور عنه .
4. و فيه فضيلة الإصلاح بين الناس ، و لا سيما في حقن دماء المسلمين .
5. و دلالة على رأفة معاوية بالرعية و شفقته على المسلمين و قوة نظره في تدبير الملك و نظره في العواقب .
6. و فيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل ؛ لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة
و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد في الحياة و هما بدريان ، قاله بن التين .
7. و فيه جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحًا للمسلمين ، و النزول عن الوظائف الدينية والدنيوية بالمال
و جواز أخذ المال على ذلك و إعطائه بعد استيفاء شرائطه .
8. وفيه أن السيادة لا تختص بالأفضل ، بل هو الرئيس على القوم ، والجمع سادة ، وهو مشتق من السؤدد ،
وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس ، أي الأشخاص الكثيرة ،
وقال المهلب : الحديث دال على أن السيادة إنما يستحقها من ينتفع به الناس لكونه علق السيادة بالإصلاح .
9. و فيه إطلاق الابن على ابن البنت .
10. و استدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية و علي ، و إن كان علي أحق بالخلافة و أقرب إلى الحق
وهو قول سعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسائر من اعتزل تلك الحروب
و ذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) الآية
ففيها الأمر بقتال الفئة الباغية ، و قد ثبت أن من قاتل عليا كانوا بغاة و هؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء
بل يقولون : اجتهدوا فأخطئوا ، وذهب طائفة قليلة من أهل السنة - وهو قول كثير من المعتزلة - إلى أن كلا من الطائفتين مصيب ،
و طائفة إلى أن المصيب طائفة لا بعينها " انتهى باختصار يسير من " فتح الباري " (13/66-68)
والله أعلم . - الإسلام سؤال وجواب | |
|