-
عدم وجود مرض طبي عام أو تعاطي مخدرات أو اضطراب
نموي معمم كاضطراب التوحد في نفس المدة.
-
ويتطلب التصنيف الأمريكي استمرار
الحالة لمدة لا تقل عن ستة أشهر
كيف يمكن التعامل مع مريض الفصام
؟
في الآونة الأخيرة ونسبة لتطور الأساليب العلاجية من ناحية توفر
عقاقير حديثة، وعلاج نفسي مع تأهيل المريض نفسياً ومهنياً واجتماعياً،
نجد أن أعداداً كبيرة من المرضى يعيشون في المجتمع بين أهلهم وذويهم
الذين يشرفون على متابعة العلاج ورعاية المريض والعناية به. وتجد
الأسرة دائما الدعم اللازم من الوحدات العلاجية الرسمية من حيث الإرشاد
والنصح فيما يحقق استمرارية الرعاية الأسرية مع الاحتفاظ بالمريض
أحياناً في الفترة الصباحية للتخفيف عن الأسرة. ولكن بالرغم من ذلك تجد
الأسر بعض الصعوبات نتيجة للتدهور الكبير الذي قد يصيب المريض سلوكيا
واجتماعيا وخاصة المريض المزمن. وأكثر ما يضايق الأهل تصرفات المريض
الناتجة عن الأعراض السلبية وخاصة صمته، وكسله، وعناده، ولامبالاته
وانعدام أي شعور بالمسئولية حتى نحو نفسه. زد على ذلك التصرفات الغير
مسؤولية أو الطفولية أو الشاذة و المحرجة للأهل. وفي بعض الأحيان
الإكثار من الأكل مع السمنة الزائدة و التدخين المستمر، أو إهماله
العناية بنظافته ومظهره، أو تعاطي المسكرات أو العقاقير غير الطبية في
بعض الحالات.
بعض المرضى نسبة لعدم استطاعتهم التكيف مع الجو الأسرى يهيمون في
الطرقات والميادين العامة بدون هدى وينامون في المساجد أو العراء
معرضين أنفسهم لعوامل الطبيعة القاسية ويجمعون طعامهم من القمامة.
بعضهم يتنقل من مدينة إلى أخرى وقد يلاقون حتفهم نتيجة الأمراض التي
يهملون علاجها أو نتيجة الحوادث.
بعض أهالي المرضى قد يجزمون أن المريض لا يعاني من أي مرض، بل بالنسبة
لهم شخص كسول اعتاد الاعتماد على الغير. ولذلك يجب إفهام الأسرة أن
المريض لا يتعمد هذا التصرف ، بل ذلك نتيجة المرض وعلى الأسرة أن لا
تلجأ إلى التعنيف والشتم أو الضرب لحمل المريض على التجاوب أو
الانصياع، لأن لا جدوى من ذلك. بل قد يحدث نتائج عكسية مثلا الانتقام
بشكل ما تنتج عنه أضرار مادية أو بشرية. وعليهم تدريبهم له للقيام ببعض
الواجبات تجاه نفسه مع الحزم في ذلك، مثلاً الاستحمام مع نظافة الأسنان
وتبديل الثياب والاحتفاظ بنظافة غرفته وسريره وتعويده على التصرف
اللائق والمقبول اجتماعياً. ومع التكرار والمثابرة ومنح الحوافز
والمكافآت والمدح عند القيام بما هو مرغوب منه وحرمانه من الحوافز في
حالة عدم ذلك، يمكن تسهيل مهمة الإشراف مع تقوية الصلات بين المريض
وذويه.
من المعروف أن المريض له قدرة منخفضة على تحمل الضغوط، وكذلك نسبة
لتشوش أفكاره قد يسيء فهم أو ترجمة بعض الأحداث الخارجية أو ما يوجه له
من حديث. ولذلك ينفعل سريعا وقد لا يستطيع السيطرة على نفسه مما قد
ينتج عن ذلك أذى جسدي لأحد أفراد العائلة أو تدمير للممتلكات. ذلك
يتطلب من الأسرة أن تحاول طمأنته واستعادة هدوئه وشعوره بالأمان
وأشعاره بحبهم له، وليكن ذلك من أكثر الذين يثق فيهم المريض ويطمئن
إليهم.
مثل هذه الحالات لا تتطلب المسارعة والإلحاح في إدخال المريض المستشفي
من جديد لأنه سرعان ما يستعيد هدوءه عند طمأنته وكأن شيئا لم يكن. وان
لم يفلح ذلك في بعض المناسبات تنصح الأسرة باستدعاء فريق التدخل السريع
للأزمات في المستشفى للحضور للمنزل للمساعدة في عملية التهدئة. ويكفي
الاتصال تلفونيا ليتم الاستدعاء.
وقد تحدث مثل هذه النوبات بدون سبب واضح للعيان وغالبا ما يكون ذلك
نتيجة للأعراض الايجابية من هلاوس تأمره على ذلك أو نزعة قوية لا تقاوم
بالاعتداء على احد، أو ضلالات زوريه تتعلق بأحد أفراد الأسرة كأن يعتقد
أن احد أفراد العائلة يتآمر عليه بقصد إيذائه أو قتله أو تسميمه، فيوجه
عدوانيته نحوه. و المطلوب في مثل هذه الحالات الحرص على عدم إثارة
المريض وتهدئته إلى أن يصل فريق التدخل السريع للمساعدة على السيطرة،
وقد يتطلب ذلك إعطاؤه مهدئا سريع المفعول وحجزه بالمستشفي لحين تقييم
العلاج مرة أخري.
هل يعتبر مريض الفصام عدوانيا يستوجب الحذر منه؟
بالرغم من كل ما ذكر سابقا فأن مريض الفصام ليس أكثر عدوانية من عامة
الناس. وقد أثبتت الدراسات ذلك. والحقيقة أن أغلبهم مسالمون أو سلبيون،
منقادون لمن يقوم برعايتهم كالأطفال تماما. وذلك لطبيعة المرض الذي
يسلبهم الدافعية وقوة الإرادة ويبلدهم عاطفيا.
هنالك مع ذلك بعض الحالات التي تستوجب الحذر مثلاً الذين يعانون من مرض
حاد أو تحت تأثير توهمات أو هذاءات يكونون أثناءها خائفين أو متهيجين
أو في نوبة غضب. هنا بجدر التعامل مع المريض بحذر ومحاولة طمأنته
وتهدئته وان فشل في ذلك على الأسرة الاستعانة بفرق التدخل السريع
التابعة للمستشفى أو فرق شرطة النجدة للمساعدة في نقل المريض للمستشفى.
هل يشكل المريض خطراً على نفسه؟
قد يحدث كثيرا أن يلجأ المريض لإيذاء نفسه وهو تحت ضغوط نفسية أو
بيئية فوق تحمله، أو استجابة لهلاوس مرضية تأمرهم بذلك. وتقدر حالات
الانتحار بين المرضى الفصاميين إلى حوالي 10 % وقد يكون ذلك نتيجة
لحالة اكتئاب مرضي مصاحباً للحالة ينتج عنه سأم من الحياة ورغبة قوية
في إنهائها، أو نتيجة للهلاوس المرضية التي تأمره بذلك.
هل ينجح علاج المرض أم يستمر مدي الحياة؟
هنالك تطور كبير في أسلوب علاج مريض الفصام من ناحية العقاقير الطبية
ومن ناحية الاهتمام بتأهيله نفسياً واجتماعياً ومهنياً. وقد ساعد ذلك
كثيراً على اندماج هؤلاء المرضى في المجتمع وتقبلهم من أسرهم للعيش
بينهم والقيام برعايتهم. وبعضهم استطاع العيش مستقلاً عن الأسرة أو في
أحد المأوي المخصصة من السلطات المحلية بإشراف أو بدونه.
العقاقير الحديثة لمضادات الذهان نسبة لأعراضها الجانبية القليلة و
التي يمكن تحملها مقارنة بالعقاقير القديمة، ساعدت كثيرا على تعاون
المرضي على تناولها بانتظام وبدون إشراف، وبدون اللجوء للتخلص منها
خفية، خاصة أن العلاج يتطلب المداومة على تعاطي الدواء لفترة طويلة قد
تقارب السنة. بل أن كثيراً من المرضى يتردد على الأقسام العلاجية
لمقابلة طبيبه وأخذ وصفته الطبية بدون أن بصحبه أحد من الأسرة. أو
يتردد بعض أيام الأسبوع على المراكز العلاجية النهارية لمتابعة حالته و
مواصلة عملية التأهيل النفسي والاجتماعي والمهني لكي يستطيع استعادة
مهاراته وقدراته قبيل الإصابة بالمرض.
العقاقير الحديثة تتميز على القديمة بشيء آخر وهو أنها تسيطر على
الأعراض الإيجابية والسلبية والمعرفية، أي جميعها، ولذلك يكون التحسن
بدرجة أشمل والتدهور بدرجة أقل.
لسوء الحظ أن شفاء المريض حتى المنتظم على تناول الدواء نسبي ويتفاوت
من مريض لآخر. فكلمة شفاء تعني اختفاء جميع الأعراض المرضية مع استعادة
المريض من جديد لكل إمكانياته وقدراته ومهاراته التي سبقت المرض. هذا
يبدو بعيد المنال بالنسبة لعدد كبير من المرضى الآن. والمعروف أن المرض
ذو طبيعة انتكاسية حتى مع مداومة العلاج لأن الانتكاس وارد متى كان
هنالك ضغوط بيئية أو نفسية كبيرة على المريض، حتى في حالة تعاطي العلاج
باستمرار. ونسبة لأن تحمل المريض لهذه الضغوط ينخفض مع كل انتكاسة
تتسارع الانتكاسات مما يزيد التدهور في إمكانياته وقدراته بأنواعها
بصورة مستمرة.
من تتبع مسار المرض يتضح بأن حوالي ثلث أعداد المرضي يتحسنون
بدرجة كبيرة، ومنهم من يستعيد معظم قدراته السابقة لمرضه، وقد يعود
لعمله ويتحمل مسؤولياته الأسرية والمهنية بشكل كبير. وثلث
أخر يتحسن بدرجة متوسطة، وقد ينتكس المريض من آن لآخر و قد يتطلب
ذلك إدخاله المستشفي من جديد. والثلث الأخير يكون التحسن بسيطاً
جداً والحالة قابلة للانتكاس الشديد المتكرر، أو يأخذ المرض الشكل
المزمن مما يضطر الاحتفاظ بالمريض لفترات طويلة بالمستشفى. هذه
الانتكاسات المتواصلة تزيد من تدهور الحالة مما يجعل المريض غير قادر
على رعاية نفسه مما يحتم أحياناً بقاءه بصورة مستديمة في أحد المصحات
ما لم تتكفل الأسرة برعايته.
التقدم مبكراً للعلاج مهم للغاية لأن ذلك يسهل عملية السيطرة مبكراً
على المرض. هذه نصيحة موجهة للأهل وخاصة الأسر التي لديها تاريخ مرضي
فصامي. وكذلك من المهم أخذ العلاج بالجرعة المناسبة وللفترة المطلوبة
وإن طالت و التي يوصي بها الطبيب. كما يجب تجنيب المريض الضغوط
ومطالبته بما فوق طاقته حتى يمكن تجنب الانتكاس.
لوسائل الأعلام المختلفة دور كبير في التوعية الصحية بالمرض مع الإسهام
في التخلص من الوصمة التي التصقت به وكانت ولا زالت السبب في إحجام
المرضى وأسرهم عن التقدم للعلاج. وكذلك على هذه الوسائل الإعلامية أن
تساعد على محاربة المفاهيم الخاطئة عن أسباب المرض ودور المشعوذين
والدجالين في خداع الأسر بإدعائهم تمكنهم من علاج المرضي عن طريق إزالة
السحر والعمل والعين.